"فاينانشيال تايمز": اليمين يقود حملة لحجب الثقة عن رئيسة المفوضية الأوروبية
"فاينانشيال تايمز": اليمين يقود حملة لحجب الثقة عن رئيسة المفوضية الأوروبية
تواجه رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين تصويتًا بحجب الثقة في البرلمان الأوروبي، على خلفية ما يُعرف إعلاميًا بـ"فضيحة فايزر" المتعلقة بتعاقدات لقاحات كوفيد-19، وقد يهدد هذا التصويت المحتمل بعرقلة أجندة سياساتها لولاية ثانية على رأس المفوضية.
ووفقًا لما نشرته صحيفة "فاينانشيال تايمز"، اليوم الخميس، ادعى نواب من اليمين المتطرف في البرلمان الأوروبي حصولهم على دعم كافٍ لتقديم اقتراح رسمي يطالب باستقالة المفوضية بالكامل، بعد صدور حكم قضائي أوروبي ضد فون دير لاين، بسبب تعاملها غير الشفاف مع رسائل خاصة تبادلتها مع الرئيس التنفيذي لشركة أدوية.
ورُجّحت احتمالات نجاة فون دير لاين من التصويت، المتوقع إجراؤه الشهر المقبل، لكن اعتُبر أنه قد يُجبرها على تقديم تنازلات سياسية إضافية لاسترضاء أعضاء من اليمين واليسار على حد سواء.
وصرّح النائب الروماني اليميني المتطرف في البرلمان الأوروبي، جورجي بيبيريا، لصحيفة "فاينانشال تايمز"، بعزمه تقديم الاقتراح رسميًا يوم الخميس، بعد تمكنه من جمع 72 توقيعًا وهو الحد الأدنى المطلوب.
وأوضح النائب بيبيريا أن المبادرة تهدف أساساً إلى تعزيز الشفافية وضمان عملية ديمقراطية حقيقية داخل مؤسسات الاتحاد.
آلية التصويت وصعوبته
يشترط النظام الداخلي للبرلمان الأوروبي ضرورة حضور أكثر من ثلثي أعضائه لإسقاط رئيسة المفوضية، وبلغ عدد النواب 720 عضوًا، صوت منهم 401 لمصلحة فون دير لاين في التصويت السابق لمنحها المنصب، رغم أن بعضهم أبدى معارضته لاحقًا.
وأفاد النائب بيبيريا بأن بعض أعضاء حزب الشعب الأوروبي، وهو تيار يمين الوسط الذي تنتمي إليه فون دير لاين، يدعمون مبادرته، ورغم تقليله من فرص نجاح الاقتراح، أكد أنه يمثل فرصة مهمة لمساءلة الرئيسة الأوروبية وطرح انتقادات بناءة لممارساتها.
ونادرًا ما شهد البرلمان الأوروبي تصويتات حجب ثقة، لكن لها سوابق مؤثرة، مثل استقالة فريق جاك سانتر عام 1999 بسبب مزاعم فساد رغم نجاته من التصويت، ومنذ ذلك التاريخ، لم يُقدَّم سوى أربعة اقتراحات مماثلة، لم ينجح أي منها.
واستند اقتراح بيبيريا إلى ما يُعرف إعلاميًا بـ"قضية فايزرغيت"، والتي تمثلت في رفض فون دير لاين الإفصاح عن رسائل نصية متبادلة مع الرئيس التنفيذي لشركة فايزر خلال مفاوضات لقاحات كوفيد-19 في عام 2021، ورغم مطالبة صحيفة "نيويورك تايمز" بنشر تلك المراسلات، رفضت المفوضية التعاون.
حكم المحكمة الأوروبية
أصدرت المحكمة العامة للاتحاد الأوروبي في مايو حكمًا يدين المفوضية، واعتبر أن تبريرها بعدم قدرتها على العثور على الرسائل يفتقر إلى المصداقية ويخالف مبدأ الإدارة الرشيدة، ورأى بيبيريا أن الحكم يكشف نمطًا مستمرًا من التجاوزات المؤسسية والتجاهل للديمقراطية وتآكل ثقة الجمهور.
وفتح أعضاء البرلمان الأوروبي من التيارات التقدمية جبهة جديدة ضد فون دير لاين، بعد إعلان المفوضية نيتها سحب مشروع قانون مكافحة "التبييض البيئي"، الذي يستهدف الإدعاءات البيئية الكاذبة من قبل الشركات، قبل التوصل إلى اتفاق نهائي بشأنه مع البرلمان والدول الأعضاء.
وأصدر الاشتراكيون، ثاني أكبر كتلة برلمانية، وحزب رينيو الليبرالي، رسالة مشتركة إلى رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا، طالبوا فيها بإثارة القضية خلال قمة الاتحاد الأوروبي ومساءلة فون دير لاين، وجادلوا بأن أي قرار بسحب قانون يجب أن يخضع للتشاور الكامل وفقًا لمبدأ التعاون الصادق.
انتقادات الخضر
هاجم حزب الخضر، الذي دعم سابقًا فون دير لاين، القرار، بينما عبّرت بعض العواصم الأوروبية عن استيائها، معتبرةً أن الانسحاب المفاجئ من القانون يُقوّض مصداقية التشريعات الأوروبية، ونقلت مصادر دبلوماسية أن تلك الخطوة أثارت قلقًا واسعًا في أروقة صنع القرار.
وأعربت نائبة رئيس المفوضية الأوروبية المكلفة بالبيئة، تيريزا ريبيرا، في تصريح لصحيفة "فاينانشال تايمز"، عن أملها في تجاوز الأزمة سريعًا والتوصل إلى توافق داخل المفوضية بشأن الملف البيئي.
وصوّتت اللجنة القانونية في البرلمان الأوروبي يوم الأربعاء لمصلحة مطالبة الرئيسة ميتسولا بمقاضاة المفوضية، بسبب إصدارها ديونًا إضافية لدعم مشاريع التسلح دون الرجوع للبرلمان، وهو ما اعتُبر خرقًا للإجراءات.
مضمون الاقتراح البرلماني
دعا اقتراح بيبيريا المفوضية الأوروبية إلى الاستقالة، متهماً إياها بالإخفاق المتكرر في ضمان الشفافية وتجاهل الرقابة الديمقراطية وسيادة القانون داخل الاتحاد.
ومن جانبه، امتنع المتحدث الرسمي باسم البرلمان الأوروبي عن التعليق على الاقتراح، في حين تتصاعد الضغوط السياسية والقانونية داخل أروقة الاتحاد الأوروبي، ما ينذر بمواجهة مؤسسية شاملة.